التعليق على نصوص قانون الإجراءات المدنية و الإدارية

لا شك أن المشتغلين بالقانون "قضاة، محامون و محضرون قضائيون و غيرهم" و كذا مدرسيه و الدارسين له يعلمون بصدور القانون رقم 08-09 المؤرخ في 2008.02.25 المتعلق"بقانون الإجراءات المدنية و الإدارية" الذي تضمن في مجموعه 1065 مادة و الذي سيبدأ تطبيقه بعد سنة من نشره حسب المادة الأخيرة منه أي في شهر أبريل من سنة 2009 بينما القانون الجاري به العمل حاليا لا يتضمن في مجموعه سوى 479 مادة لكن ما المستجد بالقانون الجديد و هل سهل من إجراءات التقاضي و التنفيذ و ما إلى ذلك من الإجراءات؟ الإجابة على ذلك قد تختلف من شخص إلى آخر لكن من المهم جدا بما كان أن نلقي الضوء على هذا القانون و لو استغرق هذا مدة زمنية معينة فلا بأس بذلك ما دام تطبيقه لن يكون إلا خلال العام المقبل 2009.

في الحقيقة و من خلال تصفحي لقانون الإجراءات الجديد وجدت أن المشرع أضاف الكثير من الأمور و ألغى بعضها لكن هل يمكن القول بأن هذا القانون جاءت نصوصه لصالح المتعامل بالقانون و المتقاضي ذلك ما أحبذ أن يفتح النقاش بصدده على صفحات هذا المنتدى من قبل القانونيين، العاملين به و الباحثين فيه و حتى الدارسين له لأنه قد يرى أحدنا في النص القانوني ذاته ما قد لا يره الآخر فتعمم الفائدة من ناحية العلم بالشيء من جهة و العمل به من جهة أخرى.

ربما أول ما يمكن ملاحظته على القانون الجديد هو تسميته بقانون الإجراءات المدنية و الإدارية بخلاف القانون الحالي الذي لم يكن يتضمن كلمة إدارية بينما كلا القانونين يتضمن نصوصا تنظم الإجراءات التي تطبق عموما على القضايا المدنية و كذا النزاعات ذات الطابع الإداري.

أما الملاحظة الثانية و الجذيرة بالذكر أن قانون الإجراءات المدنية الجاري به العمل حاليا دخل مباشرة إلى الأحكام التي تنظم إجراءات التقاضي مستهلا بالاختصاص النوعي ثم المحلي أو المكاني بينما قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد استحدث تمهيدا بين المشرع فيه من جهة سريان القانون من حيث الزمن ومن جهة أخرى أحقية كل شخص في التقاضي للمطالبة بحقه أو حمايته و بأن له نفس الفرص المتاحة لخصمه في عرض نزاعه و أوجه دفاعه مؤكدا على التزام كل من القاضي و المتقاضي مبدأ الوجاهية و هذا يكرس في حد ذاته مبدأ نزاهة القاضي و وجوب التزامه الحياد.
أما الملاحظة الثالثة أن المشرع قرر الفصل في القضايا ضمن آجال معقولة و هذا أمر يبقى خاضعا لسلطة القاضي التقديرية غير أن هذا قد يؤثر سلبا على مسار الدعاوى و قد يؤدي إلى تعسف القاضي في استعمال سلطته إذ قد يقرر بأن القضية استغرقت وقتا معقولا للفصل فيها بينما يرى أطراف الخصومة عكس ذلك لكونهم لا يزالون يملكون أوجه دفع أو وسائل دفاع أو مستندات تعزز كتاباتهم و بالتالي ربما كان على المشرع ألا يقيد لا القاضي و لا المتقاضي بأي أجل بل يترك القضية تأخذ مسارها إلى أن يكتفي أطراف الخصومة من إبداء وسائل دفاعهم فكثير من الأحكام ما ترد بها عبارة " و بعد اكتفاء الأطراف وضعت القضية بالمداولة " بينما قد يكون أطراف الخصومة أبدوا رغبتهم في إيداع مذكرات أو وثائق غير أن القاضي يقوم بتعداد الجلسات التي استغرقها النزاع أمامه و يدخلها بالمداولة بحجة أنه مطالب بالبت فيها بعد خمس جلسات مثلا أو بعد مدة شهرين أو ثلاثة أشهر و عندما يقرر المشرع اليوم بأن يكون الفصل في الدعوى ضمن أجل معقول فإنه يكون حسب اعتقادي قد أطلق يد القاضي في تقديره المدة دون الأخذ بعين الاعتبار إذا ما كانت القضية جاهزة للفصل فيها فعلا و بأنه أتيحت لكل أطراف الخصومة الفرصة اللازمة لتقديم دفاعها و مستنداتها و الاطلاع بكفاية على مستندات خصومها و كتاباتهم.

يتبع إن شاء الله و أرجو التواصل من قبل كل من يهمه الأمر على أن يكون حسب اقتراحي حسب تبويب قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد مع مقارنته بالقانون الحالي و شكرا لكل مطلع على الموضوع أو مثر إياه أو مساهم به.