ثقافة القانون
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ثقافة القانون
نخلط أحياناً بين ثقافة القانون وسطوته بحيث يبدو للبعض كما لو أنه مفروض عليهم من الأعلى ولا حول ولا قوة لهم إزاء جبروته. وحقيقة الأمر أن ثقافة القانون هي البديل الأرضي للتعامل معه على مضض ومحاولة التهرب منه، وثمة معالجة لفوكوياما قد تكون أهم من أطروحته الشهيرة عن نهاية التاريخ حول هذا الشجن البشري، فالإنسان بحاجة كما يقول إلى كوابح وروادع لكنها ليست على الدوام خارجية وفوق إرادته، ويضرب مثلاً بسائق سيارة ترتطم سيارته بسيارة أخرى في الطريق أو أمام منزله وهي واقفة، فالرجل حين يضع بطاقته أو أية إشارة حول اسمه وعنوانه لا يفعل ذلك خوفاً من أحد وقد لا يكون هناك من شهده ليشهد عليه، ولكنه وفق تربويات لها علاقة بثقافة القانون يدرك أنه حين يفعل ذلك إنما يحمي نفسه أيضاً، وكأن المعادلة انتقلت من البعد الأخلاقي الغائم والذي لا يركن إليه بسبب تفاوته بين الأشخاص إلى مقايضة مدنية، يحرص الفرد من خلالها على حماية حقوق الآخرين كي يستطيع الظفر بحقه وحمايته.
إن ثقافة القانون ليست الاطلاع المجرد والنظري على بنوده ومواده، بل هي تأقلم تدريجي معه، والاحتكام إليه في اللحظة الحاسمة كبديل عن أي احتكام آخر قد يرتهن لأمزجة الناس، وأحوالهم ومواقفهم الشخصية.
إن الفارق جوهري بين أن نخاف من القوانين لأنها تعاقبنا وبين أن نحترمها لأنها تصون حقوقنا، فالخوف يدفع إلى الحيلة والفرار إذا كان متاحاً وآمناً، أما الاحترام فهو على النقيض من ذلك، لأنه يدفعنا إلى اتخاذ مواقف قد لا تكون لمصلحتنا رغم عدم وجود شهود أو قرائن تديننا.
وثقافة القانون تفرض علينا أن نستخدم الخيال على نحو إيجابي، بحيث نضع أنفسنا مكان الشخص المتضرر، وقد يبدو هذا مواعظ و لكنه في الحقيقة إدراك لمستوى من العلاقات البشرية، تتراجع خلالها الأنانية العمياء. وحين يقتصر التلويح بالقانون للردع فقط أو لترويع الناس الذين يجهلونه يتحول إلى شبح أو أي شيء مجهول، والإنسان بفطرته لا يقوى على التعامل مع هذا المجهول، لأنه ببساطة لا يعرفه ولا يعي الأسلحة التي يمكن أن يستخدمها ضده.
لذلك قيل إن أول سلاح على المرء أن يحصل عليه هو معرفة خصمه والإحاطة الدقيقة بما يمكن أن يستخدمه من أسلحة أو أساليب، والانتقال من مرحلة الخوف من القوانين إلى احترامها وبالتالي إلى ثقافتها يعني الانتقال من مرحلة شبه بدائية تسودها التقاليد والأعراف إلى مرحلة مدنية تعاد فيها النقاط إلى الحروف ولا يعود هناك أي التباس أو مجال للتأويل والسجال العقيم.
أما الكيفية التي يمكن من خلالها بث ثقافة القانون فهي ليست وصفة جاهزة بقدر ما هي حزمة من القيم والتربويات والإعداد النفسي.
فالطفل الذي ينمو في مجتمع تحترم قوانينه يتشرب الاحترام ويتأقلم مع متطلباته، ولا يشعر بعسر وهو يتعاطى معه. إن ثقافة القانون توفر علينا من الجهد والوقت الكثير، لأنها بمثابة توقيع طوعي على عقد اجتماعي ومدني بين الأفراد من جهة وبينهم وبين القوانين من جهة ثانية.
وبدون ثقافة قانونية من هذا النمط فإن العلاقة بين الإنسان وضوابط سلوكه تبقى متوترة وملتبسة وتدفعه إلى أن يلوذ بالحيلة كي ينجو على حساب من أصابه الأذى
تقبلوا تحياتي شهارة جلفاوي.....................................
إن ثقافة القانون ليست الاطلاع المجرد والنظري على بنوده ومواده، بل هي تأقلم تدريجي معه، والاحتكام إليه في اللحظة الحاسمة كبديل عن أي احتكام آخر قد يرتهن لأمزجة الناس، وأحوالهم ومواقفهم الشخصية.
إن الفارق جوهري بين أن نخاف من القوانين لأنها تعاقبنا وبين أن نحترمها لأنها تصون حقوقنا، فالخوف يدفع إلى الحيلة والفرار إذا كان متاحاً وآمناً، أما الاحترام فهو على النقيض من ذلك، لأنه يدفعنا إلى اتخاذ مواقف قد لا تكون لمصلحتنا رغم عدم وجود شهود أو قرائن تديننا.
وثقافة القانون تفرض علينا أن نستخدم الخيال على نحو إيجابي، بحيث نضع أنفسنا مكان الشخص المتضرر، وقد يبدو هذا مواعظ و لكنه في الحقيقة إدراك لمستوى من العلاقات البشرية، تتراجع خلالها الأنانية العمياء. وحين يقتصر التلويح بالقانون للردع فقط أو لترويع الناس الذين يجهلونه يتحول إلى شبح أو أي شيء مجهول، والإنسان بفطرته لا يقوى على التعامل مع هذا المجهول، لأنه ببساطة لا يعرفه ولا يعي الأسلحة التي يمكن أن يستخدمها ضده.
لذلك قيل إن أول سلاح على المرء أن يحصل عليه هو معرفة خصمه والإحاطة الدقيقة بما يمكن أن يستخدمه من أسلحة أو أساليب، والانتقال من مرحلة الخوف من القوانين إلى احترامها وبالتالي إلى ثقافتها يعني الانتقال من مرحلة شبه بدائية تسودها التقاليد والأعراف إلى مرحلة مدنية تعاد فيها النقاط إلى الحروف ولا يعود هناك أي التباس أو مجال للتأويل والسجال العقيم.
أما الكيفية التي يمكن من خلالها بث ثقافة القانون فهي ليست وصفة جاهزة بقدر ما هي حزمة من القيم والتربويات والإعداد النفسي.
فالطفل الذي ينمو في مجتمع تحترم قوانينه يتشرب الاحترام ويتأقلم مع متطلباته، ولا يشعر بعسر وهو يتعاطى معه. إن ثقافة القانون توفر علينا من الجهد والوقت الكثير، لأنها بمثابة توقيع طوعي على عقد اجتماعي ومدني بين الأفراد من جهة وبينهم وبين القوانين من جهة ثانية.
وبدون ثقافة قانونية من هذا النمط فإن العلاقة بين الإنسان وضوابط سلوكه تبقى متوترة وملتبسة وتدفعه إلى أن يلوذ بالحيلة كي ينجو على حساب من أصابه الأذى
تقبلوا تحياتي شهارة جلفاوي.....................................
شهارة جلفاوي- مشرف
- عدد الرسائل : 275
الأوسمة :
تاريخ التسجيل : 13/04/2008
رد: ثقافة القانون
للاسف فان معظم الشعب الجزائري لا يملك ثقافة قانونية كافية تمكنه من الحفاظ على حقوق .
و شكرا على الموضوع القيم
و شكرا على الموضوع القيم
avocmer- مشرفة
- عدد الرسائل : 147
الأوسمة :
تاريخ التسجيل : 17/07/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى